الثلاثاء، 15 مارس 2011

تاريخ النينجوتسو


يحاول هذا المقال توضيح تاريخ وتطور النينجوتسو من قديم الأزل حتى الوقت الحديث.من خلال فحص السجلات التاريخية مع تحليل استراتيجية قتالية محددة وطرق وأسلحة محددة . أتمنى أن ألقى الضوء على ما اصبح حاليا معرفة عامة (محرفة).لا يؤخذ هذا المقال على انه توجيهات أكاديمية لأسباب تقنية*لذلك قد لا يقنع القارئ المتخصص المدرب اكاديميا .وما أتمناه أن من يقرا هذا المقال يتميز بعقل متفتح ويبحث عن المنطق في محتوى هذا المقال أو الحواشي.جانب أخر غير أكاديمي لهذا المقال هو احتوائه على خبراتي السابقة في كل من النينبو/ النينجوتسو وأساليب القتال الحديثة التى تعلمتها وتدربت عليها . حيث ان تخصصي العسكري يشبه بدرجة كبيرة "النينجا" قبل الحداثة .فلا ينبغي أن امتنع عن التورط الشخصي .على العكس *سأقوم بمقارنة بين نينجا ما قبل الحداثة والمحارب الحديث المتخصص فى طرق القتال الخفية وتلك المقارنات قائمة على خبرات فى مواقف حربية حقيقية وليست معتمدة على سجلات مكتوبة. ومع ذلك *هذا المقال له جانب أكاديمي قوى فهو ليس فقط عبارة عن أفكاري ومنظوري الخاص لما يجب أن تكون علية النينجوتسو*بل يعتمد على دليل وثائقي متوفر متفق عليه من قبل المؤرخين كمصدر موثوق فيه وكذلك التعامل مع ما هو غير متوفرا.بمعنى أخر* في تكوين تاريخ النينجوتسو أرى عدد معقول من التحاليل والآراء النقدية.

تتبع أصول النينبو / النينجوتسو ذو طبيعة معضلة لعدة أسباب والتى سأقوم بمناقشتها أولا .جمع تاريخ يعنى للمؤرخ المحترف البحث عن دليل مقنع.فكلما كان الدليل قوى كلما ذات قوة المناقشة .وعادة ما يكون هذا الدليل في وثائق متعددة مثل المذكرات اليومية او سفر تاريخى او حكايات او ادراج صور او مراسلات شخصية او وثائق قانونية واشياء اخرى .وفى حالة الدليل الوثائقى للنينجوتسو اما يكون هذا الدليل غامض او ليس نص اصلى.وذلك لان كتب وادراج تقاليد النينجوتسو* والتى تحتوى على اساليب وخطط حربية تقليدية * عادة ما تكون نسخ حديثة لنصوص قديمة. ليس لدينا نصوص اصلية والتى كانت تنتقل من المؤسس لاسلوب ما لخليفته الحالى. كانت تدرب النينجوتسو فى تاريخ اليابان سرا وكانت تنتقل من خلال مجموعة متجانسة .هناك ثلاث نصوص اصولية هامة فى الوقت الحالى وهم بانسينشوكاى * نينبيدن * شونينكى .وهم سجلات للفترة الاولى للايدو والتى تحتوى على بعض المعلومات التاريخية والمناقشات حول جوهر النينجوتسو وسماته وبعض اسلحته الفريدة واساليب التسلل الخاص بها. وعلى اية حال تلك النصوص لا تحتوى على اى وصف لاساليب قتال غير مسلحة او حتى منهج لهذه الاساليب. بمعنى اخر *هذه النصوص لا يمكن ان تؤرخ او تثبت اصل معظم ما يطلق علية مهارات القتال النينجوتسية .
هناك مشكلة أخرى نتجت عن طبيعة المجتمع الياباني والتاريخ الاجتماعي لليابان من أوائل القرن السابع عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر (إصلاح ميجى) وقد اغلق على المجتمع الياباني في تركيب طبقي صارم والذي سمح بقليل جدا من التحرك أو لم يسمح بالحركة أبدا .وذلك أدى إلى أن أعضاء فئة أو طبقة اجتماعية معينة ليس بيدهم حيلة غير قبول مكانتهم في المجتمع . وكذلك كان هناك تمييز واضح بين الطبقة الحاكمة (الساموراى) والطبقات الأخرى (الفلاحين *والحرفين* والتجار) وفيما بين الطبقة الواحدة . فهناك هرم طبقي من خلاله يقوم أعضاء الطبقة بالتصرف حسب دورهم الاجتماعي مع احتماليه ضئيلة لتغير مستواهم .وتلك الحقيقة نتج عنها سمات هويه قوية لكل طبقة اجتماعيه يجب على الفرد أن يتوافق معها . الأفراد خارج تلك الطبقات الاجتماعية *كما حددها صفوة الطبقة الحاكمة الساموراى*هم المنبوذون وعديمي الطبقة ومكانتهم اسفل الجميع ..النينجوتسو*اغلبها**هي المهارات والأساليب القتالية التى كان يمارسها عدد صغير من الأسر التى تنتمي إلى الطبقات الدنيا والمنبوذين وفئة نادرة فقط من المحاربين المنتمين لصفوة الساموراى.. وبالتالي فان النينجوتسو منذ عصر الايدو كان ينظر له على إنه مختلف عن التقاليد النبيلة للساموراى وكان ينظر لممارسيها على انهم فئة دنيا من وجهة نظر المجتمع ككل.بمعنى أخر * لم تتوافق النينجوتسو مع القواعد الاجتماعية المحددة سلفا .لذلك لم يعترف بها كتقليد قتالي ولا حتى عند توظيف الساموراى لبعض المحاربين النينجوتسو.
وقد تسببت الأحوال الاجتماعية والاتجاه القوى للتوافق معها في إثارة مشكلة أخرى .فأساليب القتال أو الأسلحة التى لم تكن تستخدم بواسطة الساموراى ينظر لها على إنها أعمال شيطانية غامضة أحيانا خارقة للطبيعة ولا شك غيرجديرة بالاحترام. وها هى مرة أخرى مشكلة تنتج عن التوافق الاجتماعي .* أساليب القتال * بالنسبة لصفوة الساموراى المقيدين بقواعد سلوكية وأخلاقيات معينة* كانت مقتصرة على عدد صغير من الأسلحة *الانحناءة* السيف *الستف*الجوتسى والرمح. أدى ذلك إلى قلة الإبداع في القتال .على آيه حال * بالنسبة للمحاربين غير السامورين وغير المقيدين بمكانتهم الاجتماعية الإبداع هو ضرورة للفوز. وقد اتبعوا طرق وأسلحة قتالية غير معتادة وإبداعية والتى تطورت فيما بعد في فترات لاحقة ونظمت وسجلت أضيف إليها خلال عصر الايدو . لذلك نظر للنينجوتسو نظرة سلبية وعندما انتقلت اليابان إلى العصر الحديث بدأ النينجوتسو يختفي تدريجيا وظلت صورته المظلمة الغامضة * والتى اصبحت من التراث الشعبى * واصبحت ترى كحقيقة تاريخية.
ربما كانت الحرب العالمية الثانية والاحتلال الامريكى لليابان هم الذين غيروا المجتمع اليابانى بطريقة جعلته ليس فقط يسخر من النينجوتسو بل يقمع مكانتها فى تاريخ القتال اليابانى . لم يكن النينجوتسو جزء من ياماتو داماشى (الروح اليابانية) التى كان يرغب اليابانييون فيها لاعادة ثقتهم وهويتهم. ووضع النينجوتسو فى مكان مظلم صغير فى حقيبة التاريخ اليابانى . انعطاف اخر الى الاسؤ عندما قدم النينجوتسو للغرب فى السيتنيات واصبح موضوع الافلام الامريكية قليلة الجودة والميزانية فى السبعينيات . فاصبحت صورت المحارب الشيطانى الغامضو الخارق معروفة على الملآ. هذه الصورة قائمة على سؤ فهم للتاريخ اليابانى وللنينجوتسو بصفة خاصة . كذلك كان هناك دافع لانتاج افلام مربحة وادى ذلك الى تشوية اى دقة كانت متبقية . وكما هو الحال عادة ان يتقبل العامة المعلومات المتلقاة من الافلام كتصوير تاريخى دقيق للنينجوتسو.
ان مصطلح النينجوتسو/ النينبو للمارس الحديث يمثل مجموعة من الاساليب غير المسلحة والمسلحة من عدد من المدارس(الريوها) تحديدا كوتو ريو * جيكان ريو * جيوكو ريو * توجاكور ريو وما الى ذلك. تلك الاساليب تشمل طرق متنوعة للقتال والقفز والاختباء و طرق المشى والجرى *واساليب تجنب السيف واستخدامات خاصة للجسم.تحتوى ترسانة الاسلحة على اسلحة تقليدية متنوعة مثل تاشى ويارى واسلحة غير تقليدية مثل شوكو وكوسارى فوندو واسلحة غير ظاهرة.على اية حال*السمة القتالية للنيجوتسو * سواء هجوما او دفاعا * هى اساس النينجوتسو. 
يبين تحليل دقيق للسجلات التاريخية *من اوائل القرن الثامن لاواخر القرن التاسع عشر* ان الطبيعة التأسيسية للنينجوتسو كانت تتمثل فى طرق التسلل الى مناطق غير ودودة او احيانا عدائية. ووصف التسلل عادة ما يصف قائد ما يرسل عملائه للتسلل الى مخيم العدو لاحداث اضطرابات ونشر معلومات مغلوطة . واحيانا ما يكون التسلل اولي خطوات المواجهة العسكرية ولهذا يرسل عميل ليتسلل داخل الحصن ليفتح ابوابه من الداخل ليدخل المحاربين الحصن . واحيانا ما يكون الهدف من التسلل داخل منطقة العدو هو اغتيال قائد العدو. ومن الجدير بالذكر ان معظم تلك العروض لهذة التسللات مجرد موضوع فرعى داخل السرد الكبير والتى لم يذكر فيها مصطلح نينجوتسو ونادرا ما نحصل على وصف طرق التسلل . اكثر المصطلحات استخداما فى تلك السجلات التاريخية هى( شينوبى كومو وشينوبى ايرى ) والتى تعنى التسلل المستتر .
الاستثناء الاكثر وضوحا لاغلبية السجلات هى تلك السجلات التى كتبها محاربو ايجا وكوجا عن طرقهم الخاصة فى التسلل . وهناك تفسيرا* خاصة فى بانسينشوكان وهو مؤلف من القرن السابع عشر متعدد المجلدات * لطرق التسلل داخل حصن او قلعة مصحوبة برسوم تخطيطية* بينما تشمل سجلات ايجا وكوجا اقسام عن اسلحة خاصة وتاريخ وفلسفة وفلك وطوبوغرافيا(السمات السطحية لاقليم ما) من الواضح ان اساس نشاطهم يرتكز على دخول منطقة العدو لاسباب سبق ذكرها. والخلاصة التى لا يمكن تجنبها هى ان النينجوتسو فى الجوهر *على الاقل من وجهة النظر التاريخية البحتة* هو المهارات المستخدمة فى عملية التسلل الخفى لاغراض عسكرية . من الطبيعى ان تسال الان ماهى تلك المهارات القتالية التى نطلق عليها الان نينجوتسو؟
اجابة هذا السؤال ليست موجودة فى كل السجلات التاريخية التى استخدمتها لفهم ما هو النينجوتسو. فى الواقع ليست هناك سجل معروف لفترة ما قبل الحداثة والتى قد تصف الاساليب او على الاقل تذكر مسميات اساليب القتال التى استخدمها المحاربين المتخصصين فى التسلل واساليب التخفى. والسجلات الوحيدة التى اعرفها هى تلك التى نقلت بواسطة عدد من المتخصصين فى فترة الايدو الى تاكامتسو توشيتسوجو والذى نقل بعد ذلك المعرفة ووالسجلات الى عدد كبير من التابعيين. ان كان هناك اصول اخرى للنينجوتسو متصلة بالريوها *فانها لازالت غير معروفة لكن من المحتمل ان اصول اخرى لم تبقى على قيد الحياة خلال فترة الانتقال الى الفترة الحديثة واذا كان تبقى منهم شئ ما هو الا سجلات مكتوبة مختفية فى مكان ما ربما حتى بدون علم مالكهم عن محتواهم.
خلاصة هذا التحليل المختصر ان النينجوتسو حتى الفترة الحديثة تشير الى المعرفة ومهارات لدخول منطقة وحصون العدو سرا ومتخفيا. وهى مصطلح عالمى يشير الى المجموعات او الافراد المشاركة فى عمليات تخفى او تسلل بغض النظر عن الاقليم او العشيرة او الحقبة التاريخية .ومن الناحية الاخرى * النينجوتسو كما عرفت بعد الحرب العالمية هى منظومة من مهارات القتال وفقا للريوها واصول موقرة. تلك الريوها* خلافا للمصطلح العام للنينجوتسو* عرفت من من خلال مجموعات محددة وعشائر موجودة فى اقاليم محددة فى فترات معينة قبل العصر الحديث . على اية حال * هذا الاختلاف بين مهارات القتال * والتى تعف الان بالريوها* وانشطة التخفى الفردية او الشعائريه * لاى سبب ان كان * لا يعنى اننا مخطئين فى تسمية تلك المهارات القتالية نينجوتسو . عبر التاريخ نشهد عمليات وتغيرات مستمرة فى سمات ومفاهيم الاشياء . لذلك يجب ان ندرك ان النينجوتسو مرت خلال عملية الانتقال الى الفترة الحديثة والتى فى نهايتهاتغير معناها ولكن من الضرورى ان ندرك الفرق بين النينجوتسو الجديث والنينجوتسو ما قبل الحداثة 

ليست هناك تعليقات: